تعد لغة الميامي إحدى اللغات التي تعرضت للاندثار. فقد كان يتحدث بها يومًا ما بعض سكان أمريكا الأصليين في المنطقة المعروفة الآن باسم "الغرب الأوسط"، وفي سبعينيات القرن الماضي رحلت البقية الباقية ممن كان يمكنهم تحدث هذه اللغة بطلاقة. وبعد مرور عشرات السنين، بدأ أحد سكان قبيلة ميامي في أوكلاهوما، ويدعى داريل بالدوين، أن يتعلم هذه اللغة بنفسه مستعينًا بمخطوطاتها القديمة، وها هو الآن يواصل عمله مع جامعة ميامي في أوهايو لاستكمال عملية إحياء اللغة، ونشر قصص وملفات صوتية ومواد تعليمية أخرى. ولقد بدأ أطفال ميامي من جديد يتعلمون هذه اللغة كما تولدت لديهم رغبة أكبر في تدريسها لبعضهم.
ويعد العمل الذي قام به داريل نموذجًا واحدًا فقط من بين الجهود المبذولة في سبيل الحفاظ على اللغات المهددة بالاندثار وتعزيزها. أما اليوم فيسعدنا أن نقدم شيئًا نتمنى أن يعود بالنفع، ألا وهو مشروع اللغات المهددة بالاندثار، وهو عبارة عن موقع على الويب يمكن للأشخاص من خلاله البحث عن المعلومات الأحدث والأكثر شمولية عن اللغات المهددة بالاندثار بالإضافة إلى إمكانية مشاركة هذه المعلومات. تمثل عملية توثيق اللغات المهددة بالاندثار، والبالغ عددها 3000 لغة أو أكثر (نصف لغات العالم تقريبًا)، خطوة مهمة في سبيل الحفاظ على التنوع الثقافي واحترام التراث الثقافي لأجدادنا وتعزيز قدرات شبابنا. ويمكننا الاستفادة من التكنولوجيا في دعم هذه الجهود من خلال إعداد تسجيلات ذات جودة عالية لكبار السن (وهم في الغالب البقية الباقية ممن يمكنهم تحدث اللغة) واستغلال الشبكات الاجتماعية في التواصل مع مجتمعات الشتات والاستعانة بسبل تيسير تعلم اللغة.
ويوفر مشروع اللغات المهددة بالاندثار، مدعومًا بائتلاف جديد يعرف باسم التحالف من أجل التنوع اللغوي، مساحة يمكن للمهتمين بالحفاظ على اللغات الاستفادة منها في تخزين الأبحاث والوصول إليها وتبادل الاستشارات وخلق مبادرات تعاونية. ويقدم هذا الموقع للمستخدمين إمكانية مشاركة خبراتهم وأبحاثهم مباشرة كما يساعد على تحديث المحتوى أولاً بأول. وقد بدأت مجموعة متنوعة من أصحاب المبادرات التعاونية مساهماتها بمحتوى ضم بين طياته مخطوطات يرجع تاريخها إلى القرن الثامن عشر وأدوات تعليم حديثة مثل نماذج مرئية وصوتية للغات ومقالات لتبادل المعرفة. كما يشارك أعضاء من اللجنة الاستشارية بالتوجيه والمساعدة في هيكلة موقع الويب وضمان تلبيته لاحتياجات واهتمامات المجتمعات اللغوية.
ويتمثل الدور الذي لعبته Google في تطوير المشروع وإطلاقه، إلا أن هدفها على المدى البعيد هو التمهيد لخبراء حماية اللغات حتى يصبح زمام الأمور بأيديهم. ولذلك تقرر الإعلان خلال أشهر قليلة عن تسليم زمام الأمور إلى المجلس الثقافي للأجداد الأوائل (FPCC) و معهد معلومات اللغة والتكنولوجيا (LINGUIST List) بجامعة ميشيغان الغربية. ومن المقرر أن يتولى المجلس الثقافي للأجداد الأوائل رئاسة اللجنة الاستشارية، لقيادة حملة التواصل والتوعية ووضع إستراتيجية للمشروع. كما يتولى معهد معلومات اللغة والتكنولوجيا دور الدعم التقني. ومن المفترض كذلك أن تعمل المؤسستان بالتنسيق مع اللجنة الاستشارية.
وفي إطار هذا المشروع، يتم الحصول على أبحاث حول أكثر اللغات عرضة للاندثار من قائمة اللغات المهددة بالاندثار (ELCat)، والتي يتولى إعدادها فرق بحثية من جامعة هاواي في مانوا وجامعة ميشيغان الغربية، بتمويل من مؤسسة العلوم الوطنية. وقد بدأ للتو العمل في قائمة اللغات المهددة بالانقراض، ونحن بدورنا ننشر هذه القائمة على موقعنا حتى نتلقى آراء المجتمعات اللغوية والباحثين ومن ثم يصبح لدينا الجديد دائمًا عن أكثر اللغات عرضة للاندثار في العالم.
واستنادًا إلى جهود أخرى يتم بذلها لحفظ وتعزيز التراث الثقافي على الإنترنت، حرصت مؤسسة Google.org على غرس بذور هذا المشروع. وها نحن بدورنا ندعو المؤسسات المعنية إلى المساهمة بجهودها. ونأمل أن يؤدي حشد الجهود المستقلة من جميع أنحاء العالم إلى إحداث طفرة في مواجهة خطر اندثار اللغات. إن مستقبل هذا المشروع يتوقف على إسهامات الجهات المعنية التي يثير هذا المشروع حماسها للمشاركة في جهود حماية اللغات. ونحن نتطلع إلى هذه الإسهامات.
الناشر: كلارا ريفيرا رودريغيز وجيسون ريسمان، مديرا مشروعات، مشروع اللغات المعرضة للاندثار