يعتبر الاستكشاف أهم عناصر البحث، فهو أكثر ما يحتاج إليه الإنسان من أجل توسيع آفاقه. إلا أن عملية البحث لا تزال تتطلب منك مجهودًا كبيرًا كمستخدم. ولذلك يسعدني اليوم أن أعلن لكم عن انطلاق خدمة Knowledge Graph، والتي يمكنكم الاستفادة منها في استكشاف المعلومات الجديدة بسرعة وسهولة.
لنأخذ على سبيل المثال طلب البحث [taj mahal]. لقد ظل البحث على مدار أكثر من 4 عقود يعتمد في الأساس على مضاهاة الكلمات الرئيسية بطلبات البحث. ولم يكن محرك البحث يدرك عن [taj mahal] سوى أنها كلمتان.
إلا أننا نعرف جميعًا أن هناك معنى واسعًا لعبارة [taj mahal]. فقد تكون تقصد بهذه العبارة أحد أهم المعالم الأثرية الرائعة في العالم، أو أحد الموسيقيين الحاصلين على جائزة "غرامي"، أو ربما تقصد أحد المقاهي بمدينة أتلانتيك سيتي، بولاية نيوجيرسي. بل وقد تقصد بها أيضًا أقرب مطعم هندي منك، بحسب آخر مكان تناولت فيه طعامًا. ولذلك بدأنا في التفكير في نموذج ذكي – أعني "مخططًا" بالمعنى المتخصص للكلمة – يمكنه فهم العناصر التي يتكون منها الواقع الفعلي وفهم العلاقات التي تربط هذه العناصر بعضها ببعض، أي: فهم الأشياء وليس مجرد الأسطر.
تمكنك خدمة Knowledge Graph من البحث عن الأشياء أو الأشخاص أو الأماكن التي تعرف Google معلومات عنها - مثل المعالم والمشاهير والمدن والفرق الرياضية والمباني والعناصر الجغرافية والأفلام والأجرام السماوية والأعمال الفنية والمزيد – ثم توافيك على الفور بمعلومات ذات صلة بطلب البحث الذي أدخلته. وتعد هذه الخطوة إحدى الخطوات الأولى والأهم نحو تصميم الجيل الثاني من محركات البحث، والتي يمكنها التفاعل مع الذكاء الجمعي للويب وفهم العالم فهمًا أقرب ما يكون إلى فهم الإنسان للعالم من حوله.
لا تكتفي خدمة Knowledge Graph التي تقدمها Google بالاعتماد على مصادر عامة مثل Freebase وWikipedia وCIA World Factbook، بل تزيد على ذلك أيضًا نطاقًا واسعًا جدًا من المصادر، نظرًا لأننا نستهدف توسعًا وتعمقًا شاملاً. تحتوي خدمة Knowledge Graph حاليًا على أكثر من 500 مليون عنصر، بالإضافة إلى ما يربو على 3.5 مليار حقيقة عن هذه العناصر المختلفة والعلاقات التي تربط بعضها بالبعض الآخر. كما تم تصميم هذه الخدمة بشكل مخصص يستند إلى ما يبحث الأشخاص عنه وما نحصل عليه من الويب.
وتعزز خدمة Knowledge Graph من بحث Google من خلال ثلاثة طرق أساسية يمكن توضيحها في ما يلي أولاً:
1. العثور على الشيء المطلوب تحديدًا
أحيانًا تكون اللغة غامضة، بحيث لا توضح ما إذا كنت تقصد بعبارة "Taj Mahal" المعلم الأثري (تاج محل) أم الموسيقي (تاج محل). ولكن، أصبح بإمكان محرك بحث Google الآن فهم الفارق بينهما، كما يمكنه حصر نتائج البحث في الشيء الذي تقصده تحديدًا، بحيث لا يلزمك سوى النقر على أحد الروابط للاطلاع على هذه الشريحة المعينة من النتائج:
وهذه إحدى الطرق التي يمكن استخدام Knowledge Graph بها لإضفاء طابع من الذكاء على بحث Google، بحيث تصير النتائج التي تظهر لك ذات صلة أكبر بما تبحث عنه نظرًا لأننا نعي ما تعنيه هذه العناصر والفروق الطفيفة في المعنى بينها، كما هو الحال لديك.
2. الحصول على أفضل ملخص
من خلال Knowledge Graph، يمكن لمحرك بحث Google فهم طلب البحث الذي تدخله، ومن ثم يمكنه تلخيص محتوى ذي صلة بالموضوع الذي تبحث عنه، بما في ذلك الحقائق الأساسية التي من المرجح أن تحتاج إليها عن هذا الشيء تحديدًا. فإذا كنت تبحث، مثلاً، عن ماري كوري، سيظهر لك تاريخ ولادتها وتاريخ وفاتها، كما ستظهر لك أيضًا تفاصيل عن التعليم الذي تلقته واكتشافاتها العلمية:
ولكن كيف نحدد الحقائق التي من المرجح أن تحتاج إليها عن كل عنصر؟ بالنسبة إلى هذا الأمر، نرجع إلى المستخدمين وندرس إجمالاً ما الذي يطلبون من Google معرفته عن كل عنصر. على سبيل المثال، يهتم الناس بمعرفة الكتب التي ألفها تشارلز ديكنز، إلا أنهم أقل اهتمامًا بالكتب التي ألفها فرانك لويد رايت، بينما يزيد اهتمامهم بالمباني التي صممها.
كما أننا نستفيد من Knowledge Graph في فهم العلاقات التي تربط بين الأشياء. فنحن في Knowledge Graph نعرف ماري كوري ونعرف أنها أنجبت طفلتين، حصلت إحداهما على جائزة نوبل هي الأخرى، كما نعرف أن زوجها، بيير كوري، حصل أيضًا على جائزة نوبل الثالثة للعائلة. ومن ثم لدينا كل هذه المعلومات مسجلة في مخطط. فالأمر لا يقتصر على مجرد فهرس يحتوي على عناصر، بل يتعداه ليشمل نماذج بجميع هذه العلاقات المتداخلة. ومن ثم يكمن الفرق في الذكاء الذي يمكننا من خلاله الربط بين هذه العناصر المختلفة.
3. التعمق والتوسع
أما الطريقة الثالثة والأخيرة والأكثر متعة، أننا نستفيد من Knowledge Graph في الوصول إلى بعض الاستكشافات غير المتوقعة. فقد تصل إلى حقيقة جديدة أو رابط جديد يدفعك إلى إدخال استعلام جديد تمامًا. هل تعرف من أين اقتبس مات غرينينغ، مخترع شخصيات فيلم الكرتون عائلة سيمبسون (أحد أهم المسلسلات التي أفضلها)، فكرة الأسماء "هومر" و"مارج" و"ليزا"؟ إنها مفاجأة:
لدينا اعتقاد دائم بأن محرك البحث المثالي يجب أن يفهم ما تعنيه تحديدًا وأن يقدم لك ما تحتاج إليه بالضبط. أما الآن فيمكننا أحيانًا أن نساعدك في الحصول على إجابة سؤالك قبل أن تطرحه، نظرًا لأننا نحصل على ما نعرضه من حقائق استنادًا إلى ما بحث عنه أشخاص آخرون. على سبيل المثال، تصلح المعلومات التي نعرضها عن توم كروز للإجابة على 37% من طلبات البحث التي تلي طلب البحث هذا. ومن أهم الاستكشافات التي تعرضت لها على سبيل المصادفة أثناء البحث باستخدام Knowledge Graph ما اكتشفته من خلال ميزة "People also search for"، أي: ما يبحث عنه الآخرون أيضًا. تعد رواية "The White Tiger"، (النمر الأبيض) للمؤلف أرافيند أديغا الحاصل على جائزة مان بوكر المرموقة، أحد أفضل الكتب لدي. وباستخدام Knowledge Graph، اكتشفت أن هناك ثلاثة كتب أخرى حصلت على الجائزة نفسها وكتاب واحد آخر حصل على جائزة بوليتزر. ولقد كان هذا الاقتراح صحيحًا تمامًا!
لقد بدأنا في طرح فكرة Knowledge Graph هذه لمستخدمي اللغة الإنجليزية تدريجيًا. كما أنه من المقرر أن تتوفر على الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية، ويمكنك التعرف على مزيد من المعلومات حول الكيفية التي صممنا بها هذه الميزة لتتناسب مع أجهزة الجوال. كما يمكنك مشاهدة مقطع فيديو (متوفر أيضًا على موقعنا عن Knowledge Graph) يعرفك على مزيد من التفاصيل عن التقنية، من خلال الأشخاص الذين عملوا في هذا المشروع:
نأمل أن تقدم لكم هذه التقنية الذكية صورة مكتملة عن الأشياء التي تهتمون بها وأن تقدم لكم نتائج بحث أكثر ذكاءً وأن تثير فضولكم للاطلاع على موضوعات جديدة. كما أننا فخورون بأول خطوة وليدة أنجزناها، Knowledge Graph، والتي تمكننا من إجراء البحث بطريقة أكثر ذكاءً، بحيث نقترب أكثر من ظاهرة الخيال العلمي "ستار تريك" التي طالما تمنيت أن نتوصل إلى تصميمها. نتمنى لكم رحلة استكشافية دائمة وسهلة باستخدام بحث Google، توفر عليكم الوقت في البحث وتزودكم بوقت أطول في الاستمتاع بما تحبونه.
الناشر: أميت سنغال، نائب أول رئيس قطاع الشؤون الهندسية